ليلى الأخيلية
هي ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب
الأخيلية من بني عقيل من عامر بن صعصعة (توفيت حوالي عام 704م، 80 هجرية) شاعرة عربية
عرفت بجمالها وقوة شخصيتها وفصاحتها عاصرت صدر الإسلام والعصر الأموي عرفت بعشقها المتبادل
مع توبة بن الحُمَير. لها العديد من دواوين الشعر في العشق والرثاء وجم ذلك الرثاء
فيمن تعشقة وهو توبة، كان بينها وبين الشاعر النابغة الجعدي مهاجاة. توفيت في ساوة
بما يعرف اليوم بمحافظة المثنى في العراق عندما كنت في طريقها إلى الري في إيران.
اسمها ونسبها
هي ليلى بنت عبد الله بن رحال بن شداد بن كعب
الاخيلية من بني عقيل اخر اجدادها كان يعرف بالأخيل. وهم قوما ينتسبون إلى بني عامر,
وعرفت قبيلتهم بأنهم كانوا من العشاق العرب. وكانو بالاضافة إلى الشعر من اوائل المسلمين
الذين ساهموا في المعارك الإسلامية.
لا يوجد هناك تاريخ مؤكد صريح حول مولدها, إلا
أن الاجتهاد وحده يقول أن ولادتها ربما كانت في حدود السنة الخامس عشرة للهجرة (15هجري-636م)
أي في خلافة عمر بن الخطاب, بدليل أنها تركت شعرا ترثي به عثمان ابن عفان حين وفاته
سنة (35 ه-655م) وجاء في بعض السير أنها توفيت حوالي عام (85ه-704م)
ومما قالته في رثاء الخليفة الراشيد
أبعد عثمان ترجو الخير أمته *** وكان آمن من يمشي
على ساق
خليفة الله أعطاهم وخولهم *** ما كان من ذهب جم وأوراق
وليلى الأخيلية من أهم شاعرات العرب
المتقدمات في الاسلام ولا يتقدمها أحد من النساء
سوى الخنساء وهناك من يفضلها على الخنساء.
هى بنت عبد الله بن الرحال، وسميت الرحالة.
آخر أجدادها كان يعرف بالأخيل.
عاصرت ليلى أهم أحداث عصرها السياسية، ولكن
شعرها خلا من تلك الأحداث،باثتثناء رائتها لعثمان بن عفان الذي استشهد سنة 35
هـ وبرزت ليلى بجمالها وقوة شخصيتها التي
مكنتها من التصدي لأكبر الشخصيات، واسكات فحول الشعراء بشاعريتها الواضحة في شعرها
وعفتها.
ليلى وتوبة
نشأت ليلى منذ صغرها مع ابن عمها توبة بن
الحمير، كانت منازل القوم متجاوره وكانت اموالهما من الابل والماشية ترعى في مراعي
الحيين المشتركة, وكان رجال وفرسان القبيلتين يترافقون في الحل والترحال والمشهور
أنها عشقته وعشقها، وكان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى ضمن النساء اللائي كنَّ
ينتظرن عودة الغزاة، وكان توبة مع الغزاة، رأى ليلى وافتتن بها. فشكاها يوما ما نزل
به من حسنها, فاعلمته أن بها منه أضعاف ذلك, لتبداء قصة عشق عذرية من جانبين ما توقفا
يوماً عن اشهاره أو وصف هواه, فكانت نيران الشوق تلفح مشاعرهما وتثير آلام الحنين.
جاء توبة والد ليلى ليخطبها, فأبى أن يزوجه إياها لأن زواجه منها اعتراف
أمام الناس بهذا العشق الذي انتشرت أخباره.. ورغم أن النبي (صلى الله عليه وسلم)
يقول : ليس للمتحابين إلا النكاح. إلا أن العادات كانت تفرض غير ذلك فزوجها أبوها من
أبي الأذلع ولكن زواج ليلى لم يمنع توبة من زيارتها، وكثرت زياراته.
يقول أبو عبيدة وحدثني غير أنيس أنه كان يكثر
زيارتها، فعاتبه أخوها وقومها فلم يعتب، وشكوه إلى قومه فلم يقلع، فتظلموا منه إلى
السلطان فتظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي
أهدر دمه إذا عاد، وأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد، ولما علمت ليلى بمجيء توبة
خرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه، فاستغرب خروجها سافرة ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه
عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض.
وفي هذا يقول:
وكنت إذا جئت ليلى تبرقعت.... فقد رابني منها اليوم
سفورها
كان توبة يوصف بالشجاعة ومكارم الأخلاق والفصاحة،
ولم يكن إلا فارسا مبارزا في قومة, سخياً فصيحاُ مشهورا بالمكارم وحسن الخلق ومحاسنها.
أما ليلى
الأخيلية.. فقد ذاع ذكرها بالحسن والجمال وبيانها وفصاحتها، كما اتسعت سيرتها
فوق أيام العرب في صدر الاسلام حاكت في شعرها كبار الشعراء لتنطبع آثارها في سجل العرب
سيدة عربية اختبرت محنة العلاقة الصعبة في مجتمع
عرف التقاليد الصارمة في ظل أعراف قبلية, استظلت بأدب الإسلام وضوابطه الأخلاقية, فامتزجت
عناصر الزمان
تزوجت ليلى مرتين فكان زوجها الأول الأذلعي
شديد الغيرة من توبة فطلقها وقصص أخرى تقول أنه مات عنها، أما زوجها الثاني فهو
سوار بن أوفى القشيري الملقب بابن الحياء، وكان شاعرا مخضرما من الصحابة، ويقال إن
ليلى أنجبت له العديد من الأولاد.
كانت ليلى في ذلك الزمان مشهورة بين الأمراء والخلفاء، فحظيت بمكانة
لائقة واحترام كبير، فأسمعت الخلفاء شعرها سواء كان من الرثاء أو المديح ونالت
منهم الأعطيات والرغبات، وكذلك كان الشعراء يحتكمون إليها وكانت تفاضل بينهم.
ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي ولديها
عدة قصائد مدحته فيها، وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى
معاوية فيجود عليها كرمه، وسأل معاوية ذات يوم عن توبة العشق إذ كان يصفه الناس
بالجمال والشجاعة والكرم فقالت يا أمير المؤمنين سبط البنان حديد اللسان شجي
الأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر" ثم قال معاوية وما قلت له
قالت:
قلت ولم أتعد الحق وعلمني فنه" فأعجب من
وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة.
ليلى والحجاج بن يوسف
كانت ليلى على علاقة وثيقة بالحجاج
وبالأمويين عامة. ويذكر ذات أها دخلت على الحجاج، فاستؤذن لليلى فقال الحجاج من
ليلى فقيل الأخيلية صاحبة توبة فقال أدخلوها، فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين
حسنة المشية، حسنة الثغر، وعند دخولها سلمت فرد عليها الحجاجورحب بها، وبعد جلوسها
سألها عن سبب مجيئها فقالت للسلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه. ثم
قال لها وكيف خلفت قومك؟ قالت تركتهم في حال خصب وأمن ودعة، أما الخصب ففي الأموال
والكلأ، وأما الأمن فقد أمنه الله عز وجل ، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح
بينهم، ثم قالت: ألا أنشدك قال إذا شئت فقالت:
أحجاج لا بفلل سلاحك إنما المنايا بكف الله حيث
تراها
إذا هبط الحجاج أرضا مريضة تتبع أقصى دائها
فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز
القنا سقاها
سقاها دماء المارقين وعلها إذا جمحت يوما وخفيف
أذاها
إذا سمع الحجاج صوت كتيبة أعد لها قبل النزول
قراها
قال الحجاج لله ما أشعرها وأمر لها بخمسمائة
درهم وخمسة أثواب وخمسة جمال. وبعد مسيرها أقبل الحجاج على مجلسه وقال: أتدرون من
هذه ؟ قالوا لا والله ما رأينا امرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشادا. قال: هذه ليلى
صاحبة توبة، ولم يكن الحجاج يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلأ في اليوم الذي
دخلت عليه ليلى الأخيلية.
سألها الحجاج ذات مرة هل كان بينها وبين توبة
ريبة وجوابها له: أخبرني الحسن بين علي قال حدثنا رشد بن خنتم الهلالي قال
إن شبابك قد ذهب واضمحل أمرك وأمر توبة فأقسم
عليك ألا صدقتني ... قط أو خاطبك في ذلك قط؟ فقالت: لا والله أيها الأمير إلا أنه
قال لي ليلة وقد خلونا كلمة ظننت أنه قد خضع فيها لبعض الأمر فقلت له:
وذي حاجةٍ قلنا له لا تبح بها..... فليس إليها ما
حييت سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه.... وأنت لأخرى فارغ
وحليل
فلا والله ما سمعت منه ريبة بعدها حتى فرق
بيننا الموت. قال لها الحجاج فما كان منه بعد ذلك؟ قالت: وجه صاحبا له إلى حاضرنا
فقال:إذا أتيت الحاضر من بني عبادة بن عقيل. فاعل شرفا ثم أهتف بهذا البيت:
عفا الله عنها هل أبيتن ليلة... من الدهر لا يسري إلي خيالها
فقالت له:
وعنه عفا ربي وأحسن حفظه......عزيز علينا حاجة لا
ينالها
أشاد أغلب القدماء بأن ليلى شاعرة فاقت أكثر
الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع ومن الذين أعجبوا بشعرها
"الفرزدق"
حتى أنه فضلها على نفسه
و"أبو فراس" الذي حفظ العديد من
قصائدها،
و"أبو تمام" الذي ضرب بشعرها
المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره.
تتسم العطفة في شعرها بالهدوء والاستسلام
للقدر على شيء من التفلسف والتأمل في الوجود، ويتبين من شعرها تأثير البيئة
الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور وتفاخر الشعراءبقبائلهم كقول
ليلى:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا .... حتى يدب على
العصا مشهورا
تبكي الرماح إذا فقدت أكفنا .... جزعا، وتعرفنا
الرفاق بحورا
ويلاحظ التألق اللفظي في شعر الأخيلية، وهذا
التألق يأتي بعيدا عن التكلف والتعقيد. ومن أساليب التأنق اللفظي يلاحظ في شعرها
الطباق وهناك غموض خفيف وبساطة قريبة من عالم الشعر والخيال . ومن سمات شعر
الأخيلية التكرار اللفظي. وهذا التكرار مستحسن لدى الأخيلية وغايته تأكيد المعنى
والاكثار من الألفاظ المتشابهة
يتألف شعر النساء في أغلبه من مقطوعات لا تبلغ
حد القصيدة الطويلة، ولا نكاد نجد فيه إلا عددا محدودا من قصائد طويلة، ولعل أطول قصيدة
وصلتنا لامرأة، هي رائية ليلى الأخيلية هذه في رثاء توبة، ويبلغ عدد أبياتها ثمانية
وأربعين بيتا، وهي تكاد تخلو من أية مسحة دينية أو أية لفظة تشعرنا بأنها نظمت في ظلال
الدين الإسلامي الجديد، وقد اتسمت ألفاظُها بالخشونة والغرابة والتعقيد، حيث تعمدت
الشاعرة الأسلوب الجاهلي لفظا وصورة ومعنى ولكن عاطفتها تمتاز بالصدق، وهي ضافية في
هذا النص الذي أعطت كلماته بعدا انفعاليا وعاطفيا يتناسب ونفسية الشاعرة في هذا الموقف
الحزين المؤلم، قالت أيضا ترثي توبة
لِتَبْكِ العَذَارَى مِنْ خَفَاجَة كُلِّهَا إلَى
الْحَـوْلِ صَيْفًا دَائبَـاتٍ ومَربَعَا
عَلَى نَاشِئٍ نَـالَ المَكَـارِمَ كُلَّهَا وَمَا
انْفَكَّ حَتَّى اسْتَفْرَغَ المَجْدَ أجْمَعَا
بعد أن دعت نساء خفاجة إلى البكاء معها على توبة
البطل المغوار الذي نال المكارم كلها، فها هي تتابع البكاء، فدموعها لا تهدأ ولا تجف،
فهي مهما ذرفت الدموع من أجله تبقى بحاجة إلى المزيد وقد أقسمت ألا تبكي بعد توبة هالكا،
فقالت
:
وأقْسَمْتُ لا أرْثِي بَـعْـدَ تَوْبَـةَ هَـالِكًا
وَأحْـفِـلُ مَنْ دَارتْ عَلَيهِ الدَّوَائِـرُ
لعَمْرُكَ مَا بِالْمَوْتِ عارُ عَلَى الْفَـتَى إذَا
لَمْ تُصِبْهُ فِي الحَـيَـاةِ المَعَايِـرُ
وَمَا أحـدٌ حَـيٌّ وَإنْ عَـاشَ سَالِمًا بِأخْـلَـدَ
مِمَّنْ غَـيّـبَـتْـهُ المَقَابِرُ
وَمنْ كَانَ مِمَّا يُحْدِثُ الدّهْـرُ جَازِعًا فَلاَ
بُـدَّ يَوْمـًا أنْ يُرَى وهْوَ صَابِرُ
وَليْسَ لِذي عَيْشٍ عَنِ المَوت مَقْصَرٌ وَلَيْسَ
عَلَى الأيَّـامِ وَالدَّهْـرِ غَـابِرُ
وَلاَ الحَيًّ مِمَّا يُحْدِثُ الدَّهْـرُ مُعْتَبٌ
وَلاَ المَيْتُ إنْ لِمْ يَصْبِرِ الحَـيُّ نَاشِرُ
وَكُـلُّ شَبَاب أوْ جَـدِيـدٍ إلَى بِلَّى وَكُـلُّ
امْرئٍ يَـوْمًا إلَى اللهِ صَـائِرُ
وَكُـلُّ قَـرِينَى ألْـفَـةٍ لِـتَـفَـرُّقٍ شَتَاتًا
وإنْ ضَنَّا وَطَـالَ التَّعَـاشُـرُ
فَـلاَ يُبْعـِدَنْـكَ اللهُ حَـيًـا وَمَيِّتًـا
أخَـا الْحَرْبِ إنْ دَارَتْ عَلَيْكَ الدَوَائِرُ
فَآليْتُ لاَ أنْفَكُّ أبْـكـِيـكَ مَا دَعَـتْ عَلَى
فَنَنٍ وَرْقَاءُ أوْ طـارَ طَـائِـرُ
قَتِيلُ بَنِي عَـوْفٍ فَـيَالَهـْفـَتـَا لَهُ وَمَـا
كُنْتُ إيَّـاهُمْ عَـلَيْهِ أُحَـاذِرُ
ولَـكِـنَّـمَا أخْـشَى عَلَيْهِ قَـبِيـلَةً لَهَا
بِـدُرُوبِ الرُّومِ بَـادٍ وَحَـاضِرُ
يبدو أن هذه القصيدة من أجمل شعر ليلى الأخيلية
بدليل أنها هي نفسها فضّلتها على بقية شعرها عندما طلب منها الحجاج بن يوسف، لما وفدت
عليه، أن تنشده بعض شعرها في توبة، فأنشدته هذه القصيدة التي تتتابع فيها الحكم عن
الحياة والموت، وتذكرنا بحكم زهير بن أبي سلمى على نحو ما في بعض معانيها، وقد جاءت
في أسلوب سهل عذب خال من الغرابة والتعقيد عكس ما رأيناه في قصيدتها الطويلة السابقة
التي وضعتها في أسلوب متين فخم، وهي في كلتا الحالتين مقتدرة، سواء في الأساليب القديمة
التي ورثتها من العصر الجاهلي أم في الأساليب الحديثة التي وجدتها في بيئتها الإسلامية.
وتستمر ليلى في البكاء وتدعو نساء خفاجة إلى مواصلة البكاء معها أيضا، فتقول: :
أيَا عَـيْـنُ بَـكّـي تَوْبَةَ ابْنَ حُمَيِّرِ بِسَحٍّ
كَـفَـيْـضِ الْجَدْوَلِ المُتَفَجِّـرِ
لِتَبْكِ عَلَيْهِ مِنْ خَـفَـاجِـةَ نـسْـوَةٌ بِمَا
شُـؤُونِ الْعَـبْـرَةِ المُتَـحَـدّرِ
سَمِعْنَ بِهَيْجَا أرْهَقَتْ فَـذَكَـرْنَـهُ وَلاَ
يَبْعَثُ الأحـزَانَ مِثْلُ الـتَّـذَكُّـرِ
كَأنَّ فَـتَـى الفِتْيَانِ تَوْبَةَ لَمْ يَـسِـرْ
بِنَجْـدٍ وَلَمْ يَطْـلُـعْ مَعَ المُتَـغَـوِّرِ
وَلِمْ يِـرِدِ الـمـاءَ السِّـدَامَ إذَا بَـدَا
سَنَا الصُّبْحِ فِي بَادي الْحَوَاشِي مُنَوَّرِ
وَلَمْ يَغْلبِ الْخَصْمَ الضِّجَاجَ وَيَمْلأ الـ
جِفَانَ سَدِيفًا يَـوْمَ نَكْـبَـاءَ صَرْصَرِ
وَلَمْ يَعْـلُ بِالجُـرْدِ الْجـِيَادِ يَقُـودُهَا
بِسـُرَّةَ بَيْنَ الأِشْمَسَـاتِ فـَايْصَـرِ
وَصَحْرَاء مَوْمَاةٍ يُحَـارِبُهَا الْقَـطَا قَطَعْتَ
عَلىَ هَـوْلِ الجَـنـَانِ بِمِنْسَرِ
يَقُـولُـونَ قُبًا كَالسَّرَاحِينَ لاَحَـهَـا سُرَاهُـمْ
وَسَيْرُ الرّاكِـبِ المُتَهَجِّـرِ
فَـلَـمَّا بَـدَتْ أرْضُ العَـدُوِّ سَقَيْتَهَا
مُجَـاجَ بَقِـيَّـاتِ المُـزَادِ المُقَـيَّـرِ
وَلَمَا أهَـابُوا بِالنِّهَـابِ حَـوَيـْتَـهَا بِخَـاظِـي
الْبَضِيعِ كَـرُّهُ غَيْرُ أعْسَرِ
مُـمَـرِّ كَـكَـرِّ الأنْدَري مُـثَـابِـرٍ إذَا
مـَا وَنَيِنَ مُلْهِبِ الشَدِّ مُحْـضِـر
فَألْوَتْ بِأعـنَـاقٍ طِـوَالٍ وَرَاعَـهَـا صَـلاَصـِلُ
بِيضٍ سَابِغٍ وَسـَنَـوَّرِ
ألَـمْ تَـرَ أنَّ العَـبْـدَ يَقَـتُـلُ رَبَّـهُ
فَيَظْهَرُ جَـدُّ العَبْدِ مِنْ غَيْرِ مَظْهَـرِ
قَتَلْتُمْ فَتًى لاَ يُسْقِطُ الـرَّوْعُ رُمْـحَـهُ
إذَا الخَيْلُ جـَالَتْ فِي قَـنًـا مُتَكَسِّرِ
فَيَا تَوْبَ للْهَيْجـَا وَيَا تَـوْبَ لِلـنَّـدَى
وَيَا تَـوْبَ لِلْمُسْـتَـنْـبِحِ المُتَنَوِّرِ
ألا رَبَّ مَكْـرُوبٍ أجَـبْـتَ وَنَـائِـلٍ بَذَلْـتَ
وَمَعْـرُوفٍ لَدَيْـكَ وَمُنْكَـرِ
حافظت الشاعرة في هذه القصيدة على الأسلوب القديم
من حيث التفتح والبكاء على الميت ووصف مناقبه وتعدادها، وظلت معانيها ضمن نطاق الكرم
والشجاعة، وبقيت محشوة بالتعقيد والخشونة والصعوبة على عادة الجاهليين، ولا نكاد نلمس
فيها أي تأثر بالإسلام.
قصة موتها
جاء في كتاب قصص العرب، إن الشاعرة ليلى الأخيلية
مرّت مع زوجها، بقبر عشيقها توبة بن الحمير، فقال لها زوجها:
- هذا قبر الكذّاب الذي قال:
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمتْ عليَّ ودوني تربة وصفائحُ
لسلّمتُ تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر
صائحُ
قالت ليلى الأخيلية لزوجها دعه ! فقال؛ أقسمت
عليك إلا ما دنوت منه، فسلمتِ عليه، فأبت، فكرر عليها ذلك. فلما تقدمت إلى القبر، وقالت؛
السلام عليك يا توبة، وكانت بجانب القبر بومة فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه الجمل الذي أدى إلى اضطرابه
ورمى ليلى على رأسها وماتت في الحال ودفنت بجانب قبره وكانت المنطقة تعرف بالري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق