الساحر والساخر في أعمال نادية كيلاني
الدكتور
مجدي توفيق
تقديم: خليل الجيزاوي
أمسية ثقافية أقامتها اللجنة الثقافية
في نادي القصة لمجلس الادارة الجديد برئاسة الناقد عبد الرحمن شلش الذي قدم الكاتبة
بقوله:
الكاتبة لها كتابات متنوعة فهى لها ثلاثة كتب
للأطفال وكتاب في علم الفلك ورواية بعنوان "حب لم يعرفه البشر" ولها اسهامات
بارزة في القصة القصيرة.
بدأت الناقدة فوزية مهران قراءتها للمجموعة القصصية
التي صدرت عن سلسلة قصص عربية من الهيئة العامة للكتاب قائلة:
الكاتبة ترصد الأحداث اليومية وتسردها لنا في
بساطة شديدة وهي تجمع في قصصها بين المتناقضات الحياتية التي تثيرها أو تجردها من انسانياتها،
وتلتقط اللحظات الصغيرة، فالذي كان يريد أن يتاجر في كلى الناس، الأمر الذي نجده في
النهاية يعاني من وخز في ذات المكان.
قصة ثانية "زوجتي يا سادة" تعبر عن
السخرية لمثل هذه التصرفات التي تزيد من قبح الأشياء التي ترويها على لسان رجل ولكن
برؤية واحساس امرأة، قصة ثالثة "واكتحلت عين الشمس" قصة تمتليء بهذه الرؤية
الحميمية للمفردات السردية الحياتية التي تنتقد هذا الجهاز السحري الذي يذهب لمركز
الأبحاث فيقولون له إن كل شيء على ما يرام! وهذه اللوحة تمتليء بالحركة المريرة التي
تلونها! وهي تكتب بحرفية شديدة، والكاتبة تمتلك رسم الحركة جيدا بالكلمات المدببة في
رسم بورتريهات جميلة ولكن التعليق على القصة قد يفقد جمالها الأثير.
ثم تحدث الناقد الدكتور مجدي توفيق عن رؤيته النقدية
قائلا:
نقد القصة يعرف بمصطلح قديم نسيناه هو "انقلاب
الموقف" ففي قصة مزاد نجد شخصا يتأمل زوجته ويفكر بالمتاجرة لبيع الكلى ثم ينتهي
إلى المعاناة بنفس المرض "الفشل الكلوي"
هذه البنية الجوهرية تعد مفتاح المجموعة القرائية،
فكل قصص المجموعة تبدو مسيطرة على الحبكة القصصية، تعرف متى تبدأ الجملة الاستهلالية،
وتعرف متى تنهي قصتها، لكن انقلاب الموقف وتداعيه يعطي المفارقة الجميلة ومصدر الفكاهة
والطرافة التي تمتليء بها القصص، وهذا يعود إلى أسلوب الكاتبة التي تتميز بسخريتها
اللاذعة!
والكاتبة لا تلجأ إلى الطرفة اللفظية ولكن المواقف
الفكاهية ناتجة من انقلاب المواقف في معظم القصص، فقصة "الهانم والبائعة الصغيرة"
الفكاهة المريرة، وانقلاب الموقف تجعل من الهانم أكثر احتياجا للمساعدة من البائعة
الصغيرة البائسة، وقصة "اتهام" حافلة بالمفارقات الساخرة التي تمتليء بالموتيفات
الكثيرة التي تحمل لب الكتابة الأنثوية رغم أنها تجعل الراوي بضمير المذكر، إن هذه
القصة تصور موقف صديقين يخفيان شيئا ما، وهو الأمر الذي يجعل الحبكة شيقة، وركاب الحافلة
يصممون على الذهاب لقسم الشرطة ثم نجد أحد الرجلين يخرج ثعبانا مطاطيا من جيبه، هذه
المفارقة التي يأمر ضابط الشرطة بحجز الرجلين ثم تتقدم الفتاة سبب المشكلة قائلة: من
أين اشتريته.
وقصة "حفل الرحيل" توحي بالمفارقة أيضا
التي توحي بمقاومة الرحيل حبا في الحياة!
هذه الكتابة التي تعتمد المفارقة في السرد، تمثل
الحكي الجميل، وتصنع لنفسها لغة بسيطة، لم تحفل بتفاصيل المكان الدقيقة وتحول الوصف
عندها إلى كلمات بسيطة متناثرة وعابرة وكافيه لتخيل الموقف وتقدم من الوصف كلمات بسيطة
سردية لحكي الأحداث، الأمر الذي جعل الجمل الفعلية، لغة أحداث حركة عندما تبنت الأفعال
المضارعة التي توحي بالتجدد والاستمرار
والكاتبة منحازة إلى حب الحياة وتدعونا بقوة إلى
حبها أيضا.
وتساءل القاص حسن الجوخ قائلا: كنت أود من
الناقدة فوزية مهران أن تشير إلى العالم الرمزي الذي تتبناه المجموعة ثم كيف نفك مغاليق
هذه الرموز؟
السؤال الثاني للناقد الدكتور مجدي
توفيق أين مستويات الرمز في هذه المجموعة.؟
فأجاب الدكتور مجدي توفيق:
اقرأ إن شئت قصة "زوجتي يا سادة" إن
هذه الزوجات الثلاث يمكن أن تقرأها على أنها رمز للحكومات الثلاث التي تعاقبت على حكم
مصر بعد الثورة.
وأخيرا تحدث الناقد مصطفى عبد الوهاب
قائلا:
الكاتبة مرتبطة بالطابع الانساني الذي ينعكس على
روح المجموعة الساحر والساخر للحياة اليومية التي تعتمد على المفارقة الناتجة من السياق
الفني!
والكاتبة بارعة في استخدام الصورة الرمزية لكن
المقارنة أحيانا تظلم القصة عندما تقارن بين فأس الفلاح وبندقية الجندي!
وقصة "الهانم والبائعة الصغيرة" نشعر
بالمرارة والسخرية مع كون هذه البائعة المتسولة أو المتسولة البائعة، إنني أرى أن هناك
رؤية مبالغة أحيانا، أيضا هناك خلط بين الواقع والعلم وخلط بين الخيال العلمي والفنتازيا،
هناك قصة "الدرس الأخير" نرى كيف يمكن للألة أن تتحكم في الانسان!
والقالب الساخر في معظم القصص تصبح هذه السخرية
كطرفة في ليلة عزاء!
والكاتبة تملك لغة الحوار حيث ترسم به صورة جميلة
بالكلمات لتجعله أكثر تعبيرا في لغة القصة.
الأهرام المسائي: 12/7/1998م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق